العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل - السيد محمد بن عقيل - الصفحة ١٢٩
كافر فقال له أنت الكافر فقد لاء أحدهما بالكفر والبادي أظلم " في أمثالها.. (10) لا يصح حمله على المستحيل لأن كفره بالاستحلال. ولا على معنى رجعت نقيصته عليه لأخيه لأنه تأويل غير صحيح. ولا حمله على الخوارج الذين يحكمون بشرك المؤمنين وهم الصفرية والأزارقة لأنهم ليسوا بمشركين لخطأهم في التأويل كسائر أهل البدع كما أثبت النووي وغيره. ولا على معنى أن ذلك يؤول به إلى الكفر لعدم استقامة المعنى. ولا على معنى رجع عليه تكفيره. وكل هذه الوجوه ناشئة عن تخصيص الكفر بالشرك مع أنه لا محيص من حمل الكفر على كفر النعمة وهو المعبر عنه أيضا عندنا بكفر النفاق وعند المذاهب الأربعة بالفسق وأرى أن الخلاف بين الأمة في الاصطلاحات ليس إلا، سوى الأزارقة والصفرية فعندهم الكبائر كلها شرك . لذلك استحلوا الدماء والأموال والسبي لأبناء المسلمين ونسائهم وخربوا البلدان بوقائعهم التاريخية المهولة.
- زلة الخوارج:
وكان خطبهم جلل ومحنتهم بلاء. ولقد بالغوا في العبادة والتقوى حتى أفنوا المخ والعظم خوف الوقوع في الشرك الذي هو كل كبيرة وعند بعضهم ذنب سواء كبيرة أم صغيرة فوقعوا فيما فروا منه بحكمهم على الموحدين بالشرك خطأ في التأويل فحرموا ما أحل الله بين المسلمين من التناكح والتوارث وأمثالهما من الأحكام..
وعموا عن منهج الحق بتأويل قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام " ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " الناشئ منه عن طول الاختبار لقومه بمكثه الطويل فيهم حتى لم يرج منهم خير فكل مولود لهم لا يبلغ التمييز حتى يندمج في تلك الأوساط الشريرة الفاجرة ويؤل إلى كفران نعم الله وعصيان نبيه (ص) لم يكن دعاؤه إلا بعد أن أخبره الله بأنه لا يولد منهم مؤمن عندما أراد الله إنقاذ حكمه الأزلي وقضائه الذي لا مرد له كما أخطأوا في تأويل قوله سبحانه (وإن أطعتموهم أنكم لمشركون) فظنوا أن آكل الميتة مشرك فقاسوا عليه ما سوى ذلك من الكبائر والآية تخبر بشرك من استحل الميتة وقد حرمها الله عز شأنه. ولقد مشوا في ذلك التأويل الباطل فكان ما كان مما تقشعر له الجلود بل وتشيب لهوله الرؤس وأغلب أخصامهم لم يقفوا عند الحد بل تجاوزوا إلى أن بلغوا إلى ما صيرهم في موقفهم من السلب والنهب والسلب والسبي لما عصمه الله عن ذلك بالإقرار له بالوحدانية وبالاعتراف لرسوله (ص) بالرسالة ولله الأمر من قبل ومن بعد

(١٠) هذه الروايات التي ذكرها الكاتب لم تذكر بهذا اللفظ وورد في البخاري الحديث الثالث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. كتاب الأدب وورد في مسلم كتاب الإيمان.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست