التاريخ وإن جهله أو تجاهله المبطلون. طالما نشروا العدل بحضرموت، ونثر فيها أئمة الحق لؤلؤ الحكمة، وبثوا فيها روح الإسلام الطاهرة المطهرة. ولا غرابة أن برز منهم اليوم من ينكر حقائق التاريخ ويحاول أن ينالها بسباب ومثالب بإغراء الرجيم.
إن من الغرابة أن لا يفرق من يعد نفسه في مصاف العلماء المؤلفين بين أهل الاستقامة - الأباضية المحقة - وبين الصفرية والأزارقة والنجدات والعجاردة الفرق التي ضلت عن سواء السبيل ودنست سماحة الإسلام كغيرها من الطوائف التي عدلت عن الصراط السوي وقد مضت إلى باريها ولقيت جزاء عملها فأصبحت أثرا بعد عين. فبدت الغزالة من بين تلك الغيوم المتلبدة والسحب المكفهرة والثلوج المتراكمة (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (3) لقد هام المتنطعون في شأن أهل الحق في كل واد. وحاولوا كل ما سول لهم العناد. وأعرضوا عن استبانة الحق من طرقه والولوج إليه من أبوابه. ولو فعلو لأدركوا ما يردعهم عن ركوب متون الجهالة، وتناءوا عن ارتكاب الشطط والرذالة.
- مغبة الفتن:
كانت الأمة الإسلامية عند انتشار الفتن وظهور الأهواء والبدع المضلة في تطاحن واصطدام وتلاعن واحتدام فوضع كثير أحاديث ضد أضدادهم وتزلفوا إلى الأمراء والرؤساء بها واستكثروا بها من الأشياع طلبا للرياسة وانتصارا على أخصامهم حتى مكنوا العدو المشترك من رقابهم فعاث في الأرض فسادا وهتك حرما ونهب وسلب وخرب بلادا فالتاريخ كفيل بحفظ وقائع المغوليين وعديد حروب الصليبيين وغيرها مما لا يحصى..
فخلف من بعدهم خلف سلكوا مسلكهم واقتفوا أثرهم باتخاذ تلك الموضوعات حججا يستدلون بها وسلاحا يكافحون به ومرتزقا يستجدون به ويستدرون ما في أيدي الكبراء غير أنه لم يقل أحد من العلماء المحققين أن أحدا من الخوارج ولو من غلاتهم وضع حديثا عن رسول الله وما قاله بعض ضعفاء أهل العلم منشأه الهوى ولست أدافع عن الخوارج الصفرية والأزارقة ومن سلك سبيلهم من المضلين ولكن المنصف يقول الحق ولو في أعدائه وهم أبعد الناس (كما صرح به رجال النقد) عن الكذب وكيف لا وهم يعتقدون أن الكبيرة كفر بل محاربوهم وأخصامهم من