العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل - السيد محمد بن عقيل - الصفحة ١٣٢
كأني بها يوم الإياب وقد رسى - هم إذ هم حصن من الجور مانع كأني بها قد قلدت أمر دينها - لقد وجدوا والكل منهم مسارع إلى طاعة الرحمن يهدي إلى الهدى - ويأبى الردى والضيم لله طائع وقال:
ولقد عرفني على أي مذهب - لبيعتها من القضاة الحضارم فقلت على دين ابن وهب وجابر - إمام رضى ترتاب منه الأشاتم والضمير في بها يعود إلى الأقيال المذكورة قبل.
ولئن تسوحت في بعض أقطارهم المحتلة ورأيت فيها شيئا من المنكرات فقد عمت بلواها سائر أقطار الإسلام بالاحتلال الأجنبي الذي من جملة مساعيه بث المنكرات والفحشاء لإفساد أخلاق الأمم وإضعاف مبادئها في أنفسها حتى تقدر على استعبادها وامتلاك ناصيتها، ولا أخال أن هذا خاف عن أحد من الناس مهما كانت معارفه ومهما قل اطلاعه.
ورغم ذلك فقد أقام الأصحاب أمام عدل داخل البلاد وتخلو عن الحكم الأجنبي واستقلوا بحكم سيوفهم فأقاموا منار الهدى بين تلك الربوع العامرة بالإيمان والتقوى الذي قلما يوجد عند غيرهم وأنت لو أنصفت لشهدت بذلك. وقد قال " تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة " في رواية ابن أبي الدنيا.
وفي رواية أخرى بزيادة " واجتنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة ".
وقد مر لنا إن المصائب المحيطة بالأمة الإسلامية التي جرها الاحتلال الأجنبي وهو أعظم بلاء نتيجة ما ارتكبته من الفتن في بعضها حتى انحلت رابطتها وفشلت وذهب ريحها وقد شاهدنا جميعا أطوار الاحتلال وتدرجه إلى إفساد الأمة ومسخ محاسنها. فالعاقل إذا شاهد شيئا من الموبقات لا يتخذها ذريعة إلى طعن قلب الأمة والحكم على الماضي بالحاضر أو بما يقوله المنتصبون أخصاما.
إن من أكبر المعرات أن يجد المسلم كثيرا من تاريخ المسلمين في الكتب الأجنبية محكيا حسب الوقائع مجردا من كل حشو بخلافه في غالب كتب المسلمين فإنه كاد يكون حشوا كله بما يضمنه الكاتبون من موحيات التعصب والحقد والحسد والبغضاء وخفض منازل بعضهم بعضا غير مبالين بما يتلونه آناء الليل وأطراف النهار (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست