وضرار فقال: كلا، إنهما مبتدعان، فيلقنان القوم ما يفسدهم ويغويهم بالمسلمين، ليس لذلك إلا أصحاب الحديث، فقال يحيى: أصحاب الحديث لا يحسنون، وأهل الصغد قد غلب عليهم الثنوية،... فأبى الرشيد ووجه بعض أصحاب الحديث، فلما ورد أكله أهل الصغد بالحجج، فقال ملك الصفد: ما أضعف دينكم وحججكم، فضحك صاحب الحديث. فقال الملك: وما هذا الضحك: فقال: إنا لسنا أصحاب الحجج، فإننا مقلدة، وعندنا من له الجدل وعنده الحجج، ولا يقوى لهم أحد، وقد أشار بعض المحصلين على صاحبنا ألا يبعثنا فوقع الغلط عليه " (1).
وبقوة شخصيته هذه استطاع أن يجذب الشاعر منصور النمري إلى مذهبه.
قال الجاحظ: وكان (منصور النمري) يذهب أولا مذهب الشراة (طائفة من الخوارج) فدخل الكوفة وجلس إلى هشام بن الحكم الرافضي، وسمع كلامه فانتقل إلى الرفض، وأخبرني من رآه على قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما، ينشد قصيدته التي يقول فيها:
فما وجدت على الأكتاف منهم * ولا الأقفاء آثار النصول ولكن الوجوه بها كلوم * وفوق حجوزهم مجرى السيول أريق دم الحسين ولم يراعوا * وفي الأحياء أموات العقول فدت نفسي جبينك من جبين * جرى دمه على خد أسيل