وقد قالوا من قبل - كما يقول الجاحظ - " يستدل على نباهة الرجل من الماضين بتباين الناس فيه، وقال: ألا ترى أن عليا (رضي الله عنه) قال: يهلك في فئتان، محب مفرط ومبغض مفرط، وهذه صفة أنبه الناس وأبعدهم غاية في مراتب الدين وشرف الدنيا " (1).
ومما يجدر بالذكر أن ما جاء في زيفه وإلحاده وسوى ذلك من أحاديث، إنما جاء من جانب خصوم، عرف عنهم التحامل عليه وعلى الشيعة خاصة، أو هو كلام خصوم أو غير خصوم متأخرين عنه، رموه بما فيه وبما ليس فيه، نصرة لنزعاتهم، ودفاعا عن مذاهبهم. يقول الأستاذ أحمد أمين: والجاحظ يشتد عليه في المناقشة ويغضب في نقده غيرة منه على المعتزلة (2).
لذلك يجب أن نتلقى مثل هذه الاتهامات بتردد كبير وحيطة كاملة، ولا سيما وقد عرفنا أن الإمام الصادق أعظمه وأكبره وأرشد إليه ووثقه، وأن الإمامين الرضا والجواد ترحما عليه (3).
ومهما يكن من شئ فإن هناك حقيقة واقعية تسمو على قول المتخرصين، وتبدد التهم والظنون. أنه بدون ريب من الشخصيات الموهوبة بالفكر والعلم، قوي الشخصية واسع الخطوط، ذو أفق عقلي مترامي الأطراف، حاد الفطنة حاضر