شديدة، يواصل إليها سيره، ويبذل لها جهده حتى يلتقي معها في صعيد. وما بقاؤه متحيرا أياما لا يفيق من حيرته على حسب تعبير بن يزيد، ومعاودته للاتصال بالإمام الصادق الذي انتهى به أمره إلى ترك مذهبه والتحاقه به وملازمته إياه، إلا صدى حيا لرغبته الملحة، وحبه للمعرفة والتماسها أينما كانت.
وشئ ثالث تتناوله القصة، هو شخصية الإمام الصادق القوية التي تركت هشاما في ذهول وتهيب ورعب، والتي ذابت حيالها شخصية هشام، فلم يستطع معه الكلام حتى كأنه من عناه عمر بن أبي ربيعة بقوله:
وإذا جئتها لأشكو إليها * بعض ما شفني وما قد شجاني هبتها وازدهى من الحب عقلي * وعصاني بذات نفسي لساني ونسيت الذي جمعت من القول * لديها وغاب عني بياني وفي مدرسة الصادق الجديدة نما عقل هشام، ونضج تفكيره، واتسعت معارفه، ولازم هذه المدرسة التي كانت غنية سمحة، وأخذ عنها الشئ الكثير، وتتلمذ على الإمام الصادق في مجالسه التي كانت بمثابة ندوة للمحاضرات لما كانت تشتمل عليه من مناظرات وأبحاث في أكثر المواضيع الإسلامية، والتي كانت دائرة معارف في جميع أنواع المعارف الإسلامية في ذلك الحين..
وتتلمذ على الإمام الصادق في المسائل التي كان تعرض له، ويعوذ في جوابها به، فقد حدثوا: أن هشاما سأل الإمام الصادق عن خمسماية مسألة، والإمام أجابه على جميعها (1)