سرح إليه بخمسة عشر ألف درهم، وقال له اعمل بها وكل أرباحها ورد إلينا رأس المال، ففعل هشام ذلك " (1).
- 5 - وعاش هشام فترة من حياته في مكانة رفيعة لدى بني برمك، وخصوصا عند يحيى بن خالد، فقد احتضنه وآثره، وقربه منه وحاطه برعايته، فانقطع هو إليه، وولاه مجالس الكلام والنظر، وأخيرا أعجب الرشيد ومال إليه حين سمع كلامه في النبي..
ولكن ذلك لم يدم حتى تنكر له هؤلاء، واشتعلت عليه نقمة الرشيد فطلبه ففر هاربا.
وتعود أسباب ذلك إلى كثرة الحاسدين له على ما أوتي من مكانة ورفعة، وعلى ما كان يتمتع به من مركز ثقافي، ومن صراحته وشدة عارضته يقول السيد الصدر: " وحسده الناس لشدة صولته وعلو درجته، فرموه بالمقالات الفاسدة وهو برئ منها " (2).
وسبب آخر هو أنه مر آنفا أن هشاما أكثر من الطعن على الفلاسفة فوجد عليه يحيى، ونحن لا نستطيع أن نفسر نقمة يحيى على هشام حين طعن على الفلاسفة، أو نجعله سببا حقيقيا لذلك، إلا بما يحمل هذا الطعن من روح المعارضة لفكرة يحيى الشعوبية التي كان يحملها البرامكة ويعملون لها،