فاستأذنت له، فقال أبو عبد الله: لينتظرني في موضع، سماه بالحيرة لألتقي معه فيه غدا إن شاء الله إذا راح النهار، قال عمر فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته وأمره، فسر بذلك هشام واستبشر وسبقه إلى الموضع الذي سماه، ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما كان بينهما، فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله إلى الموضع الذي كان سماه، فبينما هو إذا بأبي عبد الله قد أقبل على بغلة، فلما بصرت به وقرب مني هالني منظره، وأرعبني حتى بقيت لا أجد شيئا أتفوه به، ولا انطلق لساني لما أردت من مناطقته، ووقف علي أبو عبد الله مليا ينظر ما أكلمه، وكان وقوفه علي لا يزيدني، إلا تهيبا وتحيرا، فلما رأى ذلك مني ضرب بغلته وسار حتى دخل في بعض السكك، وتيقنت أن ما أصابني من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز وجل، من عظم موقعه ومكانه من الرب الجليل.
قال عمر: فانصرف هشام إلى أبي عبد الله وترك مذهبه ودان بدين الحق، وفاق أصحاب أبي عبد الله كلهم " (1).
واشتملت هذه القصة على الإشارة إلى قوة العنصر الجدلي في هشام، فالمحدث لهذه القصة يعبر عنه أنه كان خبيثا في الجهمية. ثم هو يتخوف على الإمام الصادق أن ينقطع معه، ويبالغ في ردائته وخبثه، ويقصد بذلك طبعا شدة عارضة وقوة جدله.
وعنصر آخر تجده فيها، هو تعطش هشام إلى المعرفة برغبة