على قول المعتزلة، الذي قصدوا إلى تنزيه الخالق من الظلم والقبيح فوقعوا فيما هو أشنع وهو الحد من سلطان الله ومن تأثيره في فعل الإنسان.
ورأى هشام وسائر الشيعة هو توفيق بين ذينك الرأيين وتوسط بين الفريقين، وهم قد أخذوا هذا القول عن الأئمة من أهل البيت، وتتبعوا فيه آثارهم، فقد جاء عن الإمام الصادق في حديث المفضل أنه قال: " لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين " (1). وجاء في حديث يونس بن عبد الرحمن عن الإمامين الباقر والصادق " أن الله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال (السائل) فسئلا هل بين الجبر والقدرة منزلة ثالثة؟ قال: نعم أوسع ما بين السماء والأرض " (2).
والإمام الصادق أول من قرر فكرة أمر بين أمرين، وعنه أخذها الشيعة، واتسعت لأكثر من تفسير، ومن تلك التفاسير ما حكي عن هشام نفسه أنه قال:
إن الأفعال " اختيار من جهة أنه أرادها وأكسبها، واضطرار من جهة أنها لا تكون إلا عند حدوث السبب المهيج " (3).
ويقصد بذلك أن الأفعال التي تصدر عن الإنسان هي نتيجة أسباب متعددة، وكل واحد منها له تأثير في حصولها، منها حركة الإنسان واكتسابه للفعل، وهي ترجع إليه مستقلا