أن الإنسان مجبور كالجهمية فهو يقول إنه لا استطاعة له أصلا، ومن ذهب إلى الاختيار فقد أثبت للانسان استطاعة.
وهؤلاء ذهبوا في الاستطاعة إلى آراء شتى.
(الأول) إن الاستطاعة التي يكون بها الفعل لا تكون إلا مع الفعل ولا تكون متقدمة عليه.
(الثاني) إنها متقدمة على الفعل، وانقسم أصحاب هذا الرأي إلى فرق (الأولى): أنها تكون قبل الفعل ومعه أيضا سواء فيها الفعل وتركه. (الثانية) أنها تكون مع الفعل، بل لا تكون إلا قبله، وأنها تفنى في أول مرحلة وجوده.
وجمهور المعتزلة على أنها قبل الفعل وهي قدرة عليه وقدرة على ضده، وأنها لا توجب الفعل. وأبو الهذيل منهم يذهب إلى أن الإنسان مستطيع، وأنها غيره.
ثم هم يختلفون في تحديد الاستطاعة ما هي، فأبو الهذيل يقول إنها عرض غير السلامة والصحة، وإنها يحتاج إليها قبل الفعل، وتنعدم في أول وجوده ولا يكون الإنسان محتاجا إليها بعد ذلك.
ويذهب بشر بن المعتمر ومن تابعه إلى أن الاستطاعة هي سلامة البنية وصحة الجوارح وتخليتها من الآفات. ويذهب النظام إلى أنها ليست شيئا وراء ذات المستطيع بل هو مستطيع بنفسه.
أما هشام فيخالف الجماعة فيها في معناها ويوافق من قال إنها تكون قبل الفعل ومعه يقول " إن الاستطاعة خمسة أشياء