هشام بن الحكم - الشيخ عبد الله نعمة - الصفحة ١٩٣
والرب تعالى أقدره على ذلك كله... قال ويستحيل أن يخاطب العبد بافعل وهو لا يمكنه أن يفعل، وهو يحس من نفسه الاقتدار والفعل، ومن أنكره فقد أنكر الضرورة " (1).
(الثالث): وهو التوسط بين هذين الرأيين، ومرده إلى أن الإنسان ليس له كمال الاختيار، ولا كمال الاضطرار، بل هو من جهة مضطر كما هو من جهة أخرى مختار، وقد جمع الاضطرار والاختيار في وقت واحد لكن من جهتين. وهذا المذهب هو الذي حكاه الأشعري عن هشام بن الحكم، ونسب إليه أنه كان يقول:
" إن أفعال الإنسان اختيار له من وجه، واضطرار له من وجه، اختيار له من جهة أنه أرادها واكتسبها، واضطرار من جهة أنها لا تكون إلا عند حدوث السبب المهيج " (2).
وقد جرى هشام بمقالته هذه على ما جرى عليه جمهور الشيعة الإمامية، فقد ذهبوا إلى أنه لا جبر ولا تفويض وإنما هو أمر بين أمرين. وهم بهذا لا يثبتون للانسان الجبر المحض كما ذهب إليه الجهم وأتباعه وغيرهم، ولا يثبتون التفويض والاختيار المحض كما قال به المعتزلة، بل اختاروا طريقا وسطا يتلائم مع واقع الإنسان في أفعاله، ولا يتنافى مع عدل الله سبحانه، كما ترتب ذلك على قول المجبرة الذين قصدوا إلى التوحيد، وأنه لا مؤثر في الوجود غير الله، فوقعوا في نسبة القبيح والظلم إليه، ولا يمس عموم قدرة الله كما ترتب ذلك

(1) ملل ج 1 ص 24.
(2) مقالات أنظر ما بين ص 106 إلى 127.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الطبعة الثانية 7
2 تقديم 9
3 طبيعة عصره الثقافي 15
4 حياة هشام 39
5 ثقافته 55
6 مكانته 71
7 تأثره بالفكر الأجنبي 81
8 هشام بين الفلسفة والكلام 97
9 بين هشام والنظام 101
10 الاتجاهات الغالبة عليه (1) روح النقد 107
11 (2) النزعة الحسية 109
12 (3) نزعة الجدل 113
13 (4) روح التعمق 113
14 مؤلفاته 119
15 آراؤه 125
16 ما وراء الطبيعة (1) الله - وجوده 127
17 (2) توحيده 130
18 (3) ذاته 131
19 (4) علمه 138
20 (5) بقية صفاته 148
21 (6) القرآن 156
22 (7) رؤية الخالق 159
23 (8) البداء 161
24 (9) معرفة الله 164
25 الآراء الطبيعية 164
26 (1) الجزء 168
27 (2) الأعراض 173
28 (3) الطفرة 178
29 (4) التداخل 180
30 (5) الحركة 183
31 (6) حقيقة الانسان 185
32 الزلازل 190
33 الانسان و ما يتبعه (1) أفعال الانسان 191
34 (2) الاستطاعة 195
35 (3) حكم الأطفال في الآخرة 198
36 (4) النبوة 202
37 (5) الإمامة 205
38 شروط الامام (1) أن يكون معصوما 212
39 (2) أن يكون أعلم الناس 216
40 (3) الكرامات 218
41 مناظراته (1) مع عبد الله بن يزيد الأباضي 221
42 (2) مع ضرار بن عمرو الضبي 223
43 (3) مع ضرار أيضا 224
44 (4) مع عمرو بن عبيد 225
45 (5) مع يحيى بن خالد البرمكي 227
46 (6) هشام مع الشامي 228
47 (7) مع النظام 230
48 (8) مع ضرار الضبي أيضا 230
49 (9) هشام مع الجاثليق 232
50 (10) مع بنان الحروري 234
51 (11) مع الموبذ 235
52 (12) مع النظام في الروح والادراك 236
53 (13) مع بعض المتكلمين في مجلس الرشيد 237
54 أثر هشام لدى المتكلمين 239
55 وصية الامام موسى بن جند لهشام 242