ما يخلق في سائر الجمادات، وينسب إليه الأفعال مجازا كما ينسب إلى الجمادات، كما يقال أثمرت الشجرة وجرى الماء وتحرك الحجر وطلعت الشمس وغربت وتغيمت السماء وأمطرت وأزهرت الأرض وأنبتت إلى غير ذلك، والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال جبر، قال وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا كان جبرا " (1).
(الثاني) الاختيار الصرف أو التفويض، وهو في معناه معاكس للجبر تماما، وملخصه أن الإنسان هو الفاعل المستقل في جميع أفعاله وشئونه، وليس لله تعالى تأثير في شئ من قدرته واختياره وفعله، غاية ما هناك أن الله وهبه القدرة وأقدره على فعل الخير كما أقدره على فعل الشر، لكن أقدار الله له لا يمنع من نفوذ إرادة الإنسان، وهذا هو المنسوب إلى الجمهور من المعتزلة " فقد اتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها مستحق على ما يفعله ثوابا وعقابا في الدار الآخرة، والرب منزه أن يضاف إليه شر وظلم وهو كفر ومعصية، لأنه لو خلق الظلم كان ظالما كما لو خلق العدل كان عادلا (2). وكان واصل بن عطاء رأس الاعتزال يقرر ذلك فيقول:
" إن الباري حكيم عادل، لا يجوز أن يضاف إليه شر وظلم، ولا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمر ويحكم عليهم شيئا ثم يجازيهم عليه، فالعبد هو الفاعل للخير والشر والإيمان والكفر والطاعة والمعصية، وهو المجازي على فعله،