وهو يجري في مناقشة رأي المعتزلة على وحي قول الجهم بن صفوان المتقدم وعلى تعليله، وملخص ما يريده هنا هو أنه إذا كان علمه بأن الجسم متحرك فهو يستدعي أمرين.
(الأول): وجود معلوم وهو جسم متحرك ليتعلق به العلم.
(الثاني): أن هذا العلم باق أبدا لذات النفس العالمة أبدا.
وبعد هذا يترتب عليه وجود جسم متحرك أبدا، ويستحيل أن لا يكون حينئذ كذلك، لأن سكونه بعد أن كان متحركا يفضي إلى أحد أمرين إما صيرورة العلم بغير متعلق، وإما تغيره إلى علم بالسكون والمتغير حادث وهو خلاف الفرض عند هؤلاء ويوضح هذا ما حكاه عنه البغدادي أنه " قال: لو كان لم يزل عالما بالمعلومات لكانت المعلومات أزلية لأنه لا يصح عالم إلا بمعلوم موجود، كأنه أحال تعلق العلم بالمعدوم " (1).
وشئ آخر لعله يلحظه هشام في مناقشته لرأي المعتزلة، أن هذا العلم يستلزم بقاء التحرك أبدا، وأنه علة له، ولو لم يكن يتحرك كذلك وسكن في بعض الأحوال لأفضى ذلك إلى وجود علة بدون معلول ولكن وجود حركة الجسم أبدا باطلة فعلته كذلك.
ونجد ابن الخياط يدافع عن المعتزلة ويعترض على مهاجمة هشام لهم فيقول: ".. ولو كان القول على ما قال لم يجز أن يقع من القديم (الله) فعل أبدا، لأن الفاعل لا بد من أن يكون قبل فعله عالما بكيف يفعله، وإلا لم يجز وقوع الفعل