وأنها خلقت ليمتحن العقلاء فيها قال هشام: وليس يصح فيها لمن لم يزل عالما في الحقيقة قبل امتحانه إياها، ولو جاز أن يمتحن الشئ من يعلمه من جميع وجوهه جاز أن يتعرفه من يعلم من جميع وجوهه، فلما فسد تعرفه ممن لم يبق عليه من العلم به شئ فسد امتحانه ممن أحاط علمه بجميع حقائقه " (1).
وهذه النصوص - كما تراها - صريحة في نفي علم الله تعالى بالمستقبلات، ولست أحاول الآن الدخول في مناقشة هذا الرأي لهشام، وإنما المهم بيان رأيه على حقيقته فحسب.
وقد ترتب على قوله بعدم العلم بالمستقبلات أمران.
1 - القول بحدوث علم الله تعالى (2)، ويبدو هذا الرأي من الرواسب الجهمية التي بقيت في تفكير هشام، فإنه بمقدمته ونتيجته قد جاءه من الجهم بن صفوان، ولعل الجهم هو أول من قال بهذه المقالة، لأنه كان يقول:
" لا يجوز أن يعلم الشئ قبل خلقه، لأنه لو علم ثم خلق، أفيبقى علمه على ما كان أو لم يبق، فإن بقي فهو جهل، وإن لم يبق، فإن العلم بأن سيوجد غير العلم بأن قد وجد، وإلم يبق فقد تغير، والمتغير مخلوق ليس بقديم " (3).
ويصرح هشام برأيه فيقول: