يستحيل أن يتوهم عنه فعل، ونفوا عنه الجسمية، وأنهم أطلقوا هذه اللفظة جسم لا كالأجسام لمعنى أنه شئ لا كالأشياء (1).
ومن المقبول في العادة أن يمثل التلميذ آراء أستاذه، وأن نجد في تفكير التلاميذ آثار أساتذتهم. وإننا لا نشك في أنه كانت النزعة الحسية هي الغالبة على تفكيره، وأن على آرائه ألوانا رواقية، ربما يكون تأثر بها عن طريق الديصانية الرهاوية كما سبق. فالذي يذهب إلى أن الأعراض أجسام حتى الأشكال الهندسية يسهل عليه القول بأن الخالق جسم. فإن الأساس الأول لفلسفة الرواقيين هو أنه ليس في الوجود غير المادة، وكل موجود عندهم مادة حتى الروح وحتى الله تعالى (2).
وعلى ذلك يمكننا أن نقول أن هشاما كان يذهب إلى أن الله تعالى جسم لا كالأجسام، وذلك قبل أن يدين بمذهب الإمام الصادق، ولا سيما أننا قد عرفنا أنه كان قبل ذلك من أصحاب الديصاني والملازم له، ثم صار من أصحاب الجهم بن صفوان، وكان عضوا فعالا للجهمية، ولكنه بعد ذلك رجع عن القول بالجسم، وقد صح أنه قد أقر بخطيئة وصحت توبته، فقد حدثوا: أنه قصد الإمام أبا عبد الله الصادق (ع) إلى المدينة فحجه ولم يدخله عليه، وأبلغه أنه لا يوصله إليه إليه ما دام قائلا بالجسم، فقال والله ما قلت به إلا لأني ظننت أنه وفاق لقول إمامي. فأما إن أنكره علي فإنني تائب إلى الله منه،