وحكي عنه مرة أخرى أنه يقول في الإرادة أنها حركة، وهي فعل، وهذا يتمشى مع نزعته الحسية، لأن الفعل مما يدرك بالحواس.
وعنده على ما نسب إليه أن الله جسم لا كالأجسام، وأنه تجوز رؤيته بالأبصار، والرؤية بالطبع من لوازم الأجسام المحسوسة.
ثم هو يغرق في نزعته الحسية، حتى حكي عنه القول بأن الجو جسم رقيق.
بل ربما كان اتجاهه الحسي هو الذي حمله على القول بقسمة الجزء إلى غير نهاية، وإلى إبطال الجزء الذي لا يتجزأ، أو الجوهر الفرد بتعبير أصح، لأن القائلين بالجوهر الفرد يقولون أنه شئ ليس له أبعاد من طول وعمق وعرض، ولا يتصف بالحركة والسكون، بل من هؤلاء القائلين به من لم يجوز عليه حتى اللون والطعم والرائحة مثل أبي الهذيل، فالجوهر الفرد عند هؤلاء يشبه أن يكون شيئا معنويا أو روحيا بعد تجريده من جميع خصائص المادة، وأغلب الظن أن من قال بإبطاله وذهب إلى انقسام الجزء إلى غير نهاية إنما كان مسايرة للنزعة الحسية التي تأبى الإيمان بشئ موجود ثابت مجرد عن خصائص المادة وآثارها.
فالنزعة الحسية بادية على شئ من آرائه، فهو يجسم الأعراض والجو حتى الخالق تعالى. ومن الجائز أن تكون نزعته هذه دليلا على تأثره بفلسفة أهل الرواق المادية القائلين بأن كل