نطاق الخلاف، فترى مالك بن أنس يحط من كرامة العراقيين ويتحامل عليهم ويلعنهم.
وأكثروا القيل والقال والإيراد والجواب وتمهيد طرق الجدل في الفقه، لا سيما بين مذهب الشافعي ومذهب أبي حنفية، فترك الناس الكلام وفنون العلم وأقبلوا على المسائل الخلافية بين الشافعي وأبي حنيفة على الخصوص، وتساهلوا في الخلاف مع مالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم.
ومهما يكن من أمر فقد تعصب كل فريق إلى بلده وتنابزوا، وعير أهل المدينة بسماع الغناء، وأهل مكة بالمتعة، وأهل الكوفة بالنبيذ، واستندت عصبية كل قوم لبلادهم، وحملتهم عصبيتهم على وضع الأخبار في مدح قومه وبلده وذم مقابله، وعظم الانشقاق بين الطائفتين:
أصحاب الرأي والقياس وأصحاب الحديث، وبالطبع إن الكوفة تضعف عن مقابلة الحجاز، ولكن السياسة الزمنية اقتضت أن تكون إلى جانب أهل الرأي، لا حبا لهم، ولكن بغضا لأهل الحديث أهل المدينة، وأصبح لكل جانب