الموالي إليه بأساليب الرغبة والرهبة، وتثبيت قواعد ملكه على أيدي الفرس عامة والخراسانيين خاصة، لأنه ما كان يأمن وثبة العرب لجانب العلويين، فهم في نظر عامة العرب والعباسيين أنصار بني علي لا أنصار بني العباس، كما كانت سياستهم في بدء الدعوة قتل كل من يتكلم بالعربية في بلاد فارس.
ومضى السفاح وجاء المنصور الدوانيقي للحكم، وهو ذلك الرجل الحديدي الذي يقتحم مواقع الخطر ولا يتهيب من إراقة الدماء، ولا يقف أمامه حاجز ولا يردعه وازع ديني في سبيل تركيز دعائم ملكه. ففتك بأهل البيت ومن عارض حكمه من العباسيين أنفسهم، وأبعد علماء المدينة، ونصر الموالي، وأوجد تلك المعركة القوية لفك وحدة المسلمين، وهي معركة أهل الحديث وأهل الرأي. فقرب فقهاء العراق القائلين بالقياس، وأحاطهم بعنايته ليحول أنظار الناس إليهم، والناس على دين ملوكهم، وبذلك تقل قيمة علماء أهل المدينة الذين هم أهل الفتيا إلى حد كبير.