وقد استطاع معاوية أن يستغل هذه الأمور، فكان يدس إلى عسكر الحسن من يتحدث أن قيس بن سعد قد صالح معاوية وصار معه ويوجه إلى عسكر قيس من يتحدث أن الحسن قد صالح معاوية، كما أنه أرسل المغيرة بن شعبة وعبد الله بن عامر لابن كريز إلى الحسن واتوه وهو نازل بالمدائن فخرجوا من عنده وهم يقولون ويسمعون الناس ان الله قد حقن بابن رسول الله الدماء وسكن به الفتنة وأجاب إلى الصلح، فاضطرب العسكر ولم يشك الناس في صدقهم فوثبوا بالحسن ... وتفرق الناس عنه (1).
ويبدو من هذا أن الجماعة المحيطة بالحسن أو شيعته لم يكونوا جميعا شيعة حقا لأنهم لو كانوا شيعة لما أثرت فيهم دسائس معاوية وإنما يظهر أنهم، كانوا يميلون للعلويين ويرون فيهم منذ قتل علي رمز سلطتهم المفقودة (2). ولكن هناك جماعة أخلصت للحسن، فيذكر البلاذري أن الحسن حينما جرح نزل في دار سعد بن مسعود عم المختار بن أبي عبيد الثقفي بالمدائن وكان أبوه قد ولاه إياها، فأشار عليه المختار أن يوثقه ويسير به إلى معاوية على أن يطعمه خراج جوخي، فأبى ذلك وقال للمختار: قبح الله رأيك أنا عامل أبيه وقد ائتمنني وشرفني، وهبني نسيت بلاء أبيه أأنس رسول الله ولا أحفظه في ابن بنته وحبيبه، ثم أنه أتاه بطبيب وأقام عليه حتى برا (3). وقد ذكر الطبري ان الشيعة كانت تشتم المختار وتعتبه لهذا السبب (4).
فسعد بن مسعود إذن من مخلصي شيعة علي فهو حافظ لعهده ولعهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكون الحسن ابنه. وعندما وثب القوم بالحسن نادى أين ربيعة وهمدان فتبادروا إليه (5). فخص بالنداء ربيعة وهمدان لثقته بولائهما