ويبدو أن معاوية لم يهدأ باله ما دام الحسن حيا فتشير بعض المصادر إلى احتمال تحريضه على سمه.
فيروي البلاذري إنه شرب شربة عسل فمات منها، ويقال أن معاوية دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس امرأة الحسن وأرغبها حتى سمته (1).
ولما بلغ أهل الكوفة وفاة الحسن بن علي كتبوا إلى الحسين يعزونه بوفاة أخيه أما بعد فإن من قبلنا من شيعتك متطلعة أنفسهم إليك لا يعدلون بك أحدا وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في دفع الحرب وعرفوك باللين لأوليائك والغلظة على أعدائك والشدة في أمر الله فإن كنت تحب أن تطلب هذا الأمر فأقدم علينا فقد وطنا أنفسنا على الموت معك، فكتب إليهم أما أخي فأرجو أن يكون الله قد وفقه وسدده وأما أنا فليس رأي اليوم ذاك ما دام معاوية حيا (2).
يظهر من هذا تطور الحال إلى قيام جماعة موالية لآل علي ولكنها غير جادة، وأنها مستعدة لرد الإمامة إليهم بالثورة. ولكن الحسين لم يستطع إجابة طلبهم حفظا لعهد أخيه.
ولم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن حتى بايع لابنه يزيد وقد امتنع عن بيعته الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير (3).
فكانت بيعة يزيد أول نقض لشروط الصلح بين معاوية والحسن ولم يكتف معاوية بهذا وإنما نقض الشرط الآخر وهو أن لا يسئ إلى أصحاب الحسن. فأمر معاوية عماله أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة وأمر بحرمان كل من عرف منه موالاة علي من العطاء وإسقاطه من الديوان والتنكيل به وهدم داره (4).