ومنها: إن سكوت الحسين (عليه السلام) وعدم غضبه لله موجب إما لغضب الله عليه وإما لحرمانه من الأجر، وهذا هو الإلقاء باليد إلى التهلكة.
وقد تعبد الله قوما بهذا الحكم فقال: * (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم) * (1).
ومنها: أن الحسين (عليه السلام) لم يكن أمينا على نفسه لو بايع، فقد كانت نيتهم إلقاء القبض عليه ثم يقتلونه صبرا، وذكر أصحاب المقاتل أن يزيد أرسل إلى مكة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ليغتالوا الحسين على أية حال كان، ولو في جوف البيت الحرام (2)، وفي مقتل الخوارزمي أن الحسين (عليه السلام) كتب إلى عبد الله بن جعفر الطيار: فوالله يا بن العم، لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني حتى يقتلوني، ووالله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في يوم السبت (3).
إذن الحسين (عليه السلام) لا يرضى أن يقتل صبرا، قتلة الذل والصغار، وهو بعينه الإلقاء باليد إلى التهلكة، فهو - صلوات الله عليه - يؤثر أن يموت ميتة العز والشرف لا ميتة الذل والصغار، إنه ليرى الموت بين مشتجر العوالي وبوارق الصفاح هو بعينه الحياة، وهو بعينه الخلود، ولقد وصل إلى الهدف ونال ما أمل، انظر إليه بعين صحيحة، وتأمله بقلب واع، ألا ترى - على مر العصور والأجيال -