رمز الفضيلة، ومثال الحق والإخلاص، سيد أهل الإباء، الإمام أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) نهض نهضته المباركة لينقذ الحق من براثن الباطل يدافع عن عقيدته، عن حجته، عن مبادئه، عن شريعته، عن أمته، عن أولئك المستضعفين..
قدم نفسه قربانا في سبيل الحق، لا يلتمس أجرا ولا يطلب مالا ولا نوالا، ولا جاها ولا بالتماس من صديق، أو مخافة من عدو، بل غيرة على الدين وانتصارا للحق:
قضى ابن علي والحفاظ كلاهما * فلست ترى ما عشت نهضة سيد (1) أما علمت أن قتل الحسين (عليه السلام) كان بعثة ثانية للشريعة الغراء، وإشراقا آخر لذلك النور البهي الإلهي، بعد أن مات الشعور الإسلامي السامي من النفوس أو كاد، وغلت الأيدي وكمت الأفواه، ولم يعد أحد يشعر بالمسؤولية عن مظلمة أخيه، ولذلك لكثرة المظالم، وغشم الأمراء، لقد قام في وجه الجور والفجور، وثار على المنكر والبغي، فقاتل وذهب شهيدا، لقد قتل، ولكنه المنصور، فقد خفف الويلات عن المسلمين، وذلك بتخفيف غلواء الحاكمين، وشل حركات المعتدين، حيث أسفر الصبح لذي عينين، وظهر للناس ما اقترفته تلك الطغمة وما اجترحته من آثام، فتنبه الأحرار إلى أن الشرف في التضحية، وفي الموت تكون الحياة، بل الموت أفضل من حياة تنافي الإيمان والكرامة، وتناقض الوجدان والشهامة، وخير للإنسان أن يموت من أن يعيش - كالنعم السائمة - متحجر الفكر لا يدري ما الكرامة.
وإذا لم يكن من الموت بد * فمن العجز أن تعيش جبانا