ذلك، فقال: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (1).
قلت: لا ألومك على تأويلك الآية بهذا المعنى، حيث علمت مقدرتك الفكرية، وثبت عندي ما أنت فيه من القصور.
قال: وهل لديك معنى للإلقاء في التهلكة غير ما ذكرته.
قلت: نعم، وفيه وجوه، ومنها: إن الحسين (عليه السلام) وهو وارث علم النبي (صلى الله عليه وآله) وسبطه، وإليه معاد الناس في معرفة أحكام الشريعة، وهو المنظور إليه، والمقتدى به في القول والفعل، لو سلم ليزيد ووضع يده في يده - مع اتصاف يزيد برذائل الأخلاق، وتجاهره بالفسق، واستباحة المحرمات، لكان هذا يحط من قدر الحسين العالي، ومكانته السامية، ومقامه الأعلى ومحله الأرقى، وكان لا يذكر إذا ذكر عظماء الرجال؟ وهذا هو بعينه الإلقاء باليد إلى التهلكة، قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الأحياء (2) ومنها: إن الناس ترضى عن يزيد وعن أعماله، بل إنهم يتخذون عمل يزيد قدوة لهم، فيعم الفساد، وتنطمس رسوم الشريعة المحمدية الغراء، وفي موت الشريعة موت لصاحب الشريعة، وهو جده الرسول، وموت للحسين (عليه السلام) الذي هو الوارث للشريعة والقيم عليها، وهذا هو بعينه الألقاء باليد إلى التهلكة.