يلجؤوا إلى ركن وثيق (1) وكيف لا؟ وهم لم يفرقوا بين قول الأولياء وقول الأشقياء، لابتعادهم عن أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة، ومهبط التنزيل، ولهذا قال أمير المؤمنين - كما مر في خطبته عليه السلام -: فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه.
وأما العارفون بالله (عز وجل) بعين الحقيقة، والسالكون إليه بنور البصيرة من أهل الإسلام، فهم العلماء الربانيون الذين عرفوا الحق فاتبعوه، ولم ينازعوا فيه أهله، والراجعون إليهم بعدما اختلط الحابل بالنابل، والآخذون عنهم بعدما امتزج الحق بالباطل.
أولئك هم المؤمنون حقا الذين سبقت لهم العناية بالحسنى، لاقتدائهم بمن خلف فيهم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق.
وكيف لا؟ وقد هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا - بعد طلاقها ثلاثا - بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى.