أسندت إلى الوجوه، لا إلى العيون ولا إلى الأبصار المنفية بآية صريحة أخرى، كما أن الآية الكريمة وما بعدها تتحدثان عن صنفين من الناس يوم القيامة:
صنف فرح مسرور ينتظر رحمة الله تعالى، وهم المؤمنون، وصنف آخر ينتظر العذاب المهين، وهم ممن استحق العذاب. ألا ترى قوله تعالى بعد ذلك ﴿ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة﴾ (١) أي:
عبوسة تعلم أنه سيفعل بها ما يقصم الظهر.
فالمزاوجة بين حال هذه الوجوه وتلك يعلم منها أن المقام مقام انتظار لا نظر.
انتظار من رضي الله تعالى عنه لرحمة ربه.
وانتظار من سخط الله تعالى عليه لنقمته.
ومن ظريف ما وقع في عهد أمير المؤمنين عليه السلام، أن زنديقا سأل الإمام (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) قائلا: أجد الله يقول: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) وأجده يقول: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) فقال عليه السلام: إن المؤمنين يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، أي: النظر إلى ما وعدهم - عز وجل فذلك قوله تعالى: (إلى ربها ناظرة). والناظرة: المنتظرة.
ثم قال عليه السلام: ألم تسمع قوله تعالى: ﴿فناظرة بم يرجع المرسلون﴾ (2)