وهكذا سار موكب النور قرونا موغلة في القدم، يبلغ رسالات ربه، وكل شعاع منه أضاء لقوم في زمن محدود. حتى إذا ما بلغ الظلام أشده والجهل منتهاه، واتخذ الناس أربابا من دون الله، وسجدوا سفاهة لكل حجر ومدر!! بعث خاتم الأنبياء والمرسلين أبو القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مبشرا، ومنذرا، وهاديا مهديا، وداعيا إلى صراط مستقيم، ومنقذا للناس كافة ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (١)، فلا نبي ولا رسول بعد ﴿رسول الله وخاتم النبيين﴾ (٢)، ولا يقبل غير دينه العظيم ﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾ (3).
ولا يخفى على أحد أن للمسلمين تجاه هذا الدين القويم مذاهب ومشارب شتى، وطبقا لحديث (الفرقة الناجية) (4) فإن جميعها - من غير هذه (الفرقة) - لا يعبر عن واقع الدين، لاستحالة ترسمها جميعا محض الحق، لما اشتملت عليه من تناقضات لا يتعقل كونها من الدين الخاتم.
والدين متى ما أدخل فيه ما ليس منه، أو أخرج عنه ما هو منه بفتنة عمياء، لم يكن دينا ملبيا لحاجات الإنسان، ولا مخاطبا لعقله وسمو تفكيره، لأنه دين اختلط فيه السليم بالسقيم الذي هو من صنع أهل البدع والأهواء.
وأما الدين الحق الذي لم تكن فيه لأهل البدع والأهواء يد، فلا شك