شبهه، وكذلك الكذب المحض مما لا يصدق به ذو عقل إلا إذا امتزج بالصدق واستتر فيه.
ومن هنا أشار الإمام علي عليه السلام إلى أنه لو خلص الباطل عن لبس الحق لم يشتبه على عاقل، ولو تجرد الحق عن مخالطة الباطل لما وجد اختلاف، ولم يكن للشيطان الرجيم سبيل إلى إيقاع الفتنة، ولأذعن الكل إلى الحق بعد خلوصه من مزج الباطل إلا من غوى وعلا في الأرض واستكبر وركب رأسه عنادا وصلفا.
ثم اعلم - أخي المسلم - أن أمير المؤمنين عليه السلام أشار إلى حقيقة ثابتة، وسنة لن تجد لها تبديلا، وهي أن الدنيا دار اشتباك بين النور والظلمة، وامتزاج بين الحق والباطل، وأخذ للأقوال من الأولياء والأشقياء.
وهذا هو عين الواقع الذي يعيشه كثير من المسلمين، فكم تراهم يأخذون بضغث من أقوال الأولياء الناهجين سبل الهدى، وبضغث آخر من أقوال المضلين أرباب الهوى، حتى إذا ما امتزج الضغثان استولى على أوليائه الشيطان.
وأما من علم أن البيوت لا تؤتى إلا من أبوابها، واقتصر على السليم دون السقيم، فلا شك أنه سبقت له العناية بالحسنى وهو مبعد عن شراك الشيطان.
ترى فهل يدرك اليوم من يدعو الناس بإخلاص إلى معرفة الحق - ويزعم أنه ساع إليه بكليته وكما يجب لاستفراغ ما في ذمته - أن المذاهب التي يفتتن بها الناس اليوم هي من خلط هذين الضغثين، ولو محصت أكثرها لوجدتها ندا للثقل الأصغر، ونصيرا للشيطان، وإن