وعنه (عليه السلام) قال: " إن لموضع قبر الحسين (عليه السلام) حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير، ثم قال وقبره منذ يوم دخل روضة من رياض الجنة، ومنها يعرج فيه بأعمال زواره (عليه السلام) إلى السماء، وليس ملك ولا نبي في السماوات إلا ويسألون الله أن يأذن لهم لزيارة الحسين (عليه السلام) ففوج ينزل وفوج يعرج " (1).
نستلخص من الروايات المذكورة فضل موضع قبر الحسين (عليه السلام) الذي أطلق على هذا الموضع بالحائر، وقد حدد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) موضع الحائر وحث شيعته على زيارته منذ انقراض دولة بني أمية، وزوال الخوف الذي كان يراود الشيعة في زمن دولتهم، وقبل أن ينحرف بنو العباس عن نهج الثورة التي بواسطتها أسقط النظام الأموي عام 132 ه وفي أثناء تلك الفترة أزداد التشيع بشكل ملحوظ، وأخذت الشيعة تتطلع إلى زيارة قبر الحسين (عليه السلام) بعدما أدى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) دورا فعالا في توجيههم نحو القيم والمثل العليا التي يتحلون بها، ومنها الادمان على زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، وكان للإمام الصادق (عليه السلام) دور بارز في هذا المجال، وقد قام بتحديد أبعاد الحائر الحسيني كما جاء في رواية ابن قولويه، عنه (عليه السلام) قال: " قبر الحسين (عليه السلام) عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا روضة من رياض الجنة " (2).
إذن حدد الإمام أبعاد الحائر المقدس في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني من الهجرة، وبناء على ذلك فإن تحديد الحائر يرجع إلى عهد أول بناء وضع حول المشهد المقدس كما جاء في تحديد محمد بن أحمد بن إدريس الحلي للحائر، فقال: " المراد من الحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه، لأن ذلك هو الحائر حقيقة، لأن الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يحار فيه