" من مات ولم يعرف "، لا بد وأن تكون المعرفة هذه بمعنى الاعتقاد أو مقدمة للاعتقاد، " من مات ولم يعرف " أي: من مات ولم يعتقد بإمام زمانه، لا مطلق إمام الزمان، بإمام زمانه الحق، بإمام زمانه الشرعي، بإمام زمانه المنصوب من قبل الله سبحانه وتعالى.
" من مات ولم يعرف إمام زمانه " بهذه القيود " مات ميتة جاهلية "، وإلا لو كان المراد من إمام الزمان أي حاكم سيطر على شؤون المسلمين وتغلب على أمور المؤمنين، لا تكون معرفة هكذا شخص واجبة، ولا يكون عدم معرفته موجبا للدخول في النار، ولا يكون موته موت جاهلية، هذا واضح.
إذن، لا بد من أن يكون الإمام الذي تجب معرفته إمام حق، وإماما شرعيا، فحينئذ، على الإنسان أن يعتقد بإمامة هذا الشخص، ويجعله حجة بينه وبين ربه، وهذا واجب، بحيث لو أنه لم يعتقد بإمامته ومات، يكون موته موت جاهلية، وبعبارة أخرى: " فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ".
وذكر المؤرخون: أن عبد الله بن عمر، الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين سلام الله عليه، طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايعه لعبد الملك، كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام، وكان قصده من ذلك هو العمل بهذا الحديث كما قال، فقد طرق باب الحجاج ودخل عليه في تلك الليلة وطلب منه أن يبايعه قائلا: سمعت رسول الله يقول: " من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية "، لكن الحجاج احتقر عبد الله بن عمر، ومد رجله وقال: بايع رجلي، فبايع عبد الله بن عمر الحجاج بهذه الطريقة.
وطبيعي أن من يأبى عن البيعة لمثل أمير المؤمنين (عليه السلام) يبتلي في يوم من الأيام بالبيعة لمثل الحجاج وبهذا الشكل.
وكتبوا بترجمة عبد الله بن عمر، وفي قضايا الحرة، بالذات، تلك الواقعة التي أباح فيها يزيد بن معاوية المدينة المنورة ثلاثة أيام، أباحها لجيوشه يفعلون ما يشاؤون، وأنتم تعلمون بما كان وما حدث في تلك الواقعة، حيث قتل عشرات الآلاف من الناس،