وما اختص [به] (عليه السلام) من الحلم والكظم، و [ما] وصفه الله به (1) من جميل الأخلاق وكريم الآداب ينافي ذلك ويحيله ويمنع [من] إضافته إليه وتصديقه عليه. وأكثر ما يفعله [مثله] (عليه السلام) في هذا الأمر إذا ثقل على قلبه أن يعاتب عليه سرا، ويتكلم في العدول عنه خفيا، على وجه جميل، وبقول لطيف.
وهذا المأمون الذي لا قياس بينه وبين الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد أنكح أبا جعفر محمد بن علي (عليها السلام) بنته ونقلها معه إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) لما ورد كتابها عليه تذكر (2) أنه قد تزوج عليها أو تسرى، يقول مجيبا لها ومنكر عليها: إنا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله [له] (3)، والمأمون أولى بالامتعاض من غيرة بنته، وحاله أجمل (4) للمنع من هذا الباب والإنكار له.
فوالله ان الطعن على النبي (صلى الله عليه وآله) بما تضمنه هذا الخبر الخبيث أعظم من الطعن على أمير المؤمنين (عليه السلام)، وما صنع هذا الخبر إلا ملحد قاصد للطعن (5) عليهما، أو ناصب معاند لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح والهدم، على أنه لا خلاف بين أهل النقل أن الله تعالى هو الذي اختار أمير المؤمنين (عليه السلام) لنكاح سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليها، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) رد عنها جلة أصحابه وقد خطبوها (6)، وقال (صلى الله عليه وآله): " إني لم أزوج فاطمة عليا (عليه السلام)