أكثرهم فغلة (1) غير صافية، وقد كانوا صبوا إلى دنيا معاوية وامراحه من أحب الأموال (2) من غير مراقبة ولا مساترة، فأظهروا له (عليه السلام) النصرة، وحملوه على المحاربة والاستعداد لها طمعا في أن يورطوه ويسلموه، وأحس (عليه السلام) بهذا منهم قبل التولج والتلبس، فتخلى من الأمر، وتحرز من المكيدة التي كادت تتم عليه في سعة من الوقت، وقد صرح (عليه السلام) بهذه الجملة وبكثير من تفصيلها في مواقف كثيرة وبألفاظ مختلفة، وقال (عليه السلام): " إنما هادنت حقنا للدماء وصيانتها، وإشفاقا على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي " (3).
فكيف لا يخاف أصحابه و [لا] يتهمهم على نفسه وأهله، وهو (عليه السلام) لما كتب إلى معاوية يعلمه أن الناس [قد] بايعوه بعد أبيه (عليه السلام) ويدعوه إلى طاعته، فأجابه معاوية بالجواب المعروف المتضمن للمغالطة فيه (4) والمواربة [ومساربة العداوة]، وقال له فيه: لو كنت أعلم أنك أقوم بالأمر، وأضبط للناس، وأكيد للعدو (5)، وأقوى على جمع الأموال (6) مني لبايعتك، لأنني أراك لكل خير أهلا.
وقال في كتابه: إن أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأبيك (7) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاه [ذلك] إلى أن خطب [خطبة] بأصحابه بالكوفة يحثهم (8)