تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٣٢١
فأنا ولي دمي، وإن مت فضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن المثلة ولو بالكلب العقور (1). فمن ينهى عن التمثيل بقاتله مع الغيظ الذي يجده الإنسان على ظالمه، وميله إلى الاشتفاء (2) والانتقام؟ كيف يمثل بمن لا تره بينه وبينه ولا حسيكة (3) له في قلبه؟ وهذا ما لا يظنه به (4) (عليه السلام) إلا مؤوف العقل (5).
فأما حسبه (عليه السلام) المال المكتسب من مهور البغايا على غني وباهلة، فله إن كان صحيحا وجه واضح، وهو ان ذلك المال دني الأصل، خسيس السبب، ومثله ما يتنزه عنه ذو الأقدار من جلة المؤمنين ووجوه المسلمين. وإن كان حلالا طلقا فليس كل حلال يتساوى الناس في التصرف فيه. فإن من المكاسب والمهن والحرف ما يحل ويطيب ويتنزه ذوو المروءات والأقدار عنها.
وقد فعل النبي (صلى الله عليه وآله) نظير ما فعله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنه روي عنه أنه (صلى الله عليه وآله) نهى عن كسب الحجام، فلما روجع فيه أمر المراجع له أن يطعمه رقيقه، ويعلفه ناضحة (6).

(١) نهج البلاغة: ٤٢٢ كتاب رقم ٤٧.
وروي نحوه في: مقتل الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن أبي الدنيا: ٤٠، قرب الاسناد: ١٤٣ ح ٥١٥، مناقب ابن شهرآشوب: ٣ / ٣١٢.
(٢) في " ع ": الاستيفاء.
(٣) في " ش ": حسيكة، حسكة - خ - والتره: جمعها الترهات، أي الأباطيل. والحسكة والحسيكة: الحقد والضغن والعداوة.
(٤) في " م، ش ": بمثله.
(٥) أي أصابت عقله الآفة.
(٦) مسائل علي بن جعفر: ١٤٨ ح ١٨٥، تهذيب الأحكام: ٦ / ٣٥٦ ح ١٣٥ و ١٣٦، الاستبصار: ٣ / ٦٠ ح ١٩٦ و ١٩٧، وسائل الشيعة: ١٢ / 71 ح 2 و 3 وص 73 خ 11.
والناضح: البعير الذي يستقى عليه الماء.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»