وهي أول من آمن برسالته صلى الله عليه وآله، وصدق دعوته، وبذلت مالها وثروتها الطائلة في سبيل الله تعالى، ومن أجل نشر الدعوة الإسلامية، فتحملت مع رسول الله صلى الله عليه وآله عذاب قريش بما يستحق من التكريم، وبلغ من عظيم مكانتها في نفسه الطاهرة أن هذا الوفاء لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بعد موتها، ولم تستطع أي من زوجاته أن تحتل مكانتها في نفسه.
فقد روي عنه صلى الله عليه وآله أنه كان إذا ذبح الشاة، يقول: " أرسلوا إلى أصدقاء خديجة "، فتسأله عائشة في ذلك، فيقول صلى الله عليه وآله: " إني لأحب حبيبها ".
ويروى أن امرأة جاءته صلى الله عليه وآله وهو في حجرة عائشة، فاستقبلها واحتفى بها، وأسرع في قضاء حاجتها، فتعجبت عائشة من ذلك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: " إنها كانت تأتينا في حياة خديجة ".
وحين شعرت عائشة بالغيرة تملأ قلبها من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله لخديجة، قالت له: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها.
فآلم النبي صلى الله عليه وآله هذا القول، ورد عليها قائلا: " ما أبدلني الله خيرا منها، كانت أم العيال، وربة البيت، آمنت بي حين كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقت منها الولد وحرمت من غيرها " (1).
فهي المرأة التي حباها رب العالمين، وبشرها بالخلد والنعيم.