عثمان من الخلافة، قالوا له: إما أن تخلع نفسك أو نقتلك، فاختار القتل على خلع نفسه، وقال: لا أخلع قميصا ألبسنيه الله، فيدل ذلك على أن خلع الإنسان لنفسه من الخلافة عند عثمان أعظم من إظهار كلمة الكفر، وقد علم عثمان وأهل العلم والتواريخ إنما ألبسه إياه عبد الرحمان بن عوف.
ثم قد رووا بلا خلاف بينهم: أن أبا بكر قام على المنبر، وقال: أقيلوني فلست بخيركم، وفعل ذلك من غير إكراه أحد له على الخلع، ولا خوف من القتل.
وهذا يدل على تخطئة عثمان أو أبي بكر، وأن أبا بكر قد وقع منه أعظم من الكفر باستقالته من الخلافة على مذهب عثمان، أو يكون عثمان قد ألقى بنفسه إلى الهلاك الذي تضمن القرآن النهي عنه، فقال: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (1).
وعثمان لو كان إماما لزم كون كثير من كبار الصحابة: كأبي ذر وعمار وابن مسعود من أهل النار لعدم اعترافهم بإمامته، بل رفض جل المسلمين بيعته، وصاروا سببا لقتله: كطلحة والزبير وعامة أهل المدينة ومصر... مع أن الالتزام بدخول هؤلاء الأبرار في النار، وموتهم على الجاهلية - بسبب عدم معرفتهم إمام زمانهم - باطل يقينا ولا يلتزم به مسلم.
والعجب من مخالفي الشيعة: أنهم يستدلون على حقية خلافة المشايخ بسكوت علي عليه السلام الدال على رضاه، ولا يستدلون بسكوته عن قتل عثمان على رضاه، وقد كان قاتله بيده أخص خواصه وحوارييه محمد بن أبي بكر.