في الفصل الرابع من هذا الكتاب هو، في الحقيقة، إجابة عن هذه التساؤلات، وفيه أيضا إشارة إلى ضرورة رعاية التسلسل في عرض المواد التبليغية وبيانها وفقا لأهمية مضامينها. (1) ويتعين على المبلغ في الخطوة الاولى التي يخطوها على طريق تعريف الناس بمدرسة الأنبياء، أن يركز خطته أولا على إيقاظ ضمير المخاطب وفطرته، ثم العمل بما من شأنه أن يدفعه نحو التفكير والتأمل. (2) وإذا تسنى للإنسان العودة إلى فطرته، وفتحت أمامه سبل التعقل والتفكير، فإنه يخرج عندئذ من ظلمات الجهل إلى نور الفطرة والعقل، وتتوفر له، في ضوء ذلك، معرفة الحقائق التي جاء بها الأنبياء لهداية بني الإنسان. (3) بعد إعداد المخاطب لتقبل الرسالة الإلهية، ينبغي أن تكون أول رسالة تنقل إليه هي أن منهج التكامل الإنساني الذي بعثه الله مع الأنبياء لا يقتصر على المصالح المعنوية والأخروية، بل يضمن أيضا مصالحه المادية والدنيوية. وفي حالة تحقق المجتمع الإنساني الذي كان ينشده الأنبياء، يعيش المرء أطيب حياة في الدنيا والآخرة (4).
إن الإنسان كائن مجهول، وعلى الرغم مما أحرزه العلم من تقدم في جميع الميادين، إلا أنه لم يتمكن إلى الآن من كشف الأسرار الخفية الكامنة في هذا المخلوق المعقد البناء. ومن هنا، فإن العقل البشري عاجز عن رسم طريق