فذهب معها موسى (عليه السلام) إلى دارهم، وعرف أن البنتين اللتين كانتا هناك هما ابنتا النبي شعيب (عليه السلام)، وصادف دخول موسى دار شعيب وقت العشاء، وكان الطعام معدا، فدعا شعيب الشاب القادم إلى الطعام قائلا: " يا شاب! اجلس فتعش ". إلا أن موسى ظل واقفا ولم يجلس إلى المائدة، وقال ردا على دعوة شعيب: " أعوذ بالله! ".
تعجب شعيب من ذلك الموقف وقال: " ولم ذلك؟ ألست بجائع؟! ". فقال موسى (عليه السلام): " بلى، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما؛ وإنا أهل بيت لا نبيع شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا! ".
فقال له شعيب: " لا والله يا شاب، ولكنها عادتي وعادة آبائي؛ نقري الضيف ونطعم الطعام ". فجلس موسى يأكل.
ج. سبل تأمين الحاجات الاقتصادية للمبلغ إذا كان أخذ الأجر على التبليغ مذموما في الإسلام على كل الأحوال، فلابد أن يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: عن أي طريق يمكن تأمين الحاجات المعاشية للمبلغ؟
1. الكسب إلى جانب التبليغ قبل حوالي نصف قرن مضى، كان هناك جماعة من أدعياء الثقافة والوعي تتصور أن التبليغ ليس عملا أساسا، ويجب على المبلغ أن يمارس عملا آخر إلى جانب تبليغ الدين وإشاعة القيم الدينية ودعوة الناس إلى الصلاح. فكانوا يقولون: إن علماء الدين إذا كانوا يمارسون إلى جانب التبليغ عملا آخر لكسب الرزق بحيث يستغنون عن الحاجة إلى الناس، يمكنهم تقديم الإسلام إلى الناس