ب. أخذ الأجر على التبليغ من دون طلبه إن الانعكاسات السلبية - التي سبقت الإشارة إليها - تظهر في الوقت الذي يتصرف المبلغ تصرفا يعاكس تماما ما كان يتصرفه الأنبياء؛ وذلك أن الأنبياء كانوا يقولون: إننا لا نريد أجرا على التبليغ، أما هو فيقول: اريد أجرا عليه، ويتعامل بدين الله كسلعة. لكن في صورة ما إذا لم يطلب المبلغ أجرا وبادر الناس إلى تقديم الأجر له من تلقاء أنفسهم لأجل تأمين شؤونه المعاشية، فلا مانع عندئذ من قبوله. وقد روي في هذا المجال عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
" المعلم لا يعلم بالأجر، ويقبل الهدية إذا أهدي إليه ". (1) وروى حمزة بن حمران أيضا، قال: سمعت الإمام الصادق (عليه السلام) يقول:
" من استأكل بعلمه افتقر ".
فقلت له: جعلت فداك! إن في شيعتك ومواليك قوما يتحملون علومكم ويبثونها في شيعتكم، فلا يعدمون على ذلك منهم البر والصلة والإكرام.
فقال:
" ليس أولئك بمستأكلين ". (2) الملاحظة الجديرة بالاهتمام في هذا المجال هي أن أخذ الأجر على التبليغ من غير طلبه وإن لم يكن فيه بأس، ولا يتعارض مع بعض مراتب الإخلاص، بيد أن تركه أولى؛ إذ أن الأنبياء والأولياء الكمل كانوا يتجنبون استلام أي نوع من الأجر، ولم يكونوا يقبلون أخذ أي أجر، ليس في مقابل التبليغ فحسب، بل في