قبوركم، ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله تعالى، ومودة منهم لرسوله [أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زواري غدا في الجنة].
يا علي، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس... إلى آخره. ولا يخفى أن جعل معمر قبورهم كالمعين على بناء بيت المقدس، دال على أن تعظيم مراقدهم تعظيم لشعائر الله سبحانه.
ونقل نحو ذلك أيضا في حديثين معتبرين، نقل أحدهما الوزير السعيد بسند، وثانيهما بسند آخر. والسيرة القطعية من قاطبة المسلمين المستمرة، والإجماع، يغنيان عن ذكر الأحاديث الدالة على الجواز.
وما أعجب قول المفتين: أما البناء على القبور فممنوع إجماعا! فإن مذهب الوهابية وهم فئة قليلة بالنسبة إلى سائر المسلمين لم يظهر إلا قريبا من قرن واحد، ولا يتفوه أحد من المسلمين سوى الوهابية بحرمة البناء، فأين الإجماع المدعي؟! ودعوى ورود الأحاديث الصحيحة على المنع لو ثبت غير مجد لإثبات الحرمة، لأن أخبار الآحاد لا تنهض لدفع السيرة والإجماع القطعي، مع أن أصل الدعوى ممنوع جدا. فإن مثل رواية جابر: نهى رسول الله أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ. لا تدل على التحريم، لعدم حرمة الكتابة على القبور ووطئها، فذلك من أقوى القرائن على أن النهي في الرواية غير دال على الحرمة، ولا نمنع الكراهة في غير قبور مخصوصة. مع أن الظاهر من قوله: يبنى عليها إحداث بناء كالجدار على نفس القبر، فإن بناء القبة وجدرانها بعيدة عن القبر، ليس بناء على القبر على الحقيقة، وإنما هو نوع من المجاز، وحمل اللفظ على الحقيقة حيث لا صارف