ترى أن عليا عليه السلام يأمر أبا الهياج بالحق وهو يروغ عنه فلا يفعله؟!
انتهى ما أردنا نقله منه.
الثالث: قال بعض المعاصرين من أهل العلم: لا يخفى من اللغة والعرف أن تسوية الشئ من دون ذكر القرين المساوي معه، إنما هو جعل الشئ متساويا في نفسه، فليس لتسوية القبر في الحديث معنى إلا جعله متساويا في نفسه، وما ذلك إلا جعل سطحه متساويا. ولو كان المراد تسوية القبر مع الأرض، لكان الواجب في صحيح الكلام أن يقال: إلا سويته مع الأرض.
فإن التسوية بين الشيئين المتغايرين لا بد فيها من أن يذكر الشيئان اللذان تراد مساواتهما. وهذا ظاهر لكل من يعطي الكلام حقه من النظر، فلا دلالة في الحديث إلا على أحد أمرين:
أولهما: تسطيح القبور وجعلها متساوية برفع سنامها، ولا نظر في الحديث إلى علوها، ولا تشبث فيه بلفظ (المشرف) فإن الشرف إن ذكر أنه بمعنى العلو، فقد ذكر أنه من البعير سنامه، كما في القاموس وغيره، فيكون معنى (المشرف) في الحديث هو: القبر ذو السنام، ومعنى تسويته: هدم سنامه.
وثانيهما: أن يكون المراد: القبور التي يجعل لها شرف من جوانب سطحها، والمراد من تسويته أن تهدم شرفه ويجعل مسطحا أجم، كما في حديث ابن عباس: أمرنا أن نبني المدائن شرفا والمساجد جماء.
وعلى كل حال، فلا يمكن في اللغة والاستعمال أن يراد من التسوية في الحديث أن يساوى القبر مع الأرض، بل لا بد أن يراد منه أحد المعنيين المذكورين.