إن زيارة القبور تنطوي على آثار أخلاقية وتربوية هامة باعتبار أن مشاهدة المقابر التي تضم في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الدنيا ثم انتقلوا إلى الآخرة، يؤدي إلى قتل روح الطمع والحرص على الدنيا، أو لا أقل يؤدي إلى تخفيفها في النفس.. وبالتالي يغير سلوك الإنسان فيترك المظالم والمنكرات ويتوجه إلى الحي الذي لا يموت بقلب خاشع، مما يجعله يصبو نحو الآخرة. وبهذا المعنى يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):
(زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة).
مضافا إلى روايات أخرى تدل بالصراحة على المطلب لا مجال لذكرها.
هذا كله في زيارة قبور المسلمين. وأما زيارة مدفن الأولياء من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة والشهداء والصالحين.
فلا شك في أن لزيارتهم نتائج مهمة، فإن زيارة مراقدهم نوع من الشكر والتقدير لتضحياتهم الجبارة التي بذلوها. وإعلام للجيل الحاضر بأن هذا هو جزاء الذين يسلكون طريق الحق والهدى والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة.
وهذا لا يدفعنا إلى زيارة قبورهم فقط، بل يدعونا إلى إبقاء ذكرياتهم حية ساخنة والمحافظة على آثارهم، وإقامة المناسبات في ذكرى مواليدهم، وعقد المجالس في أيام التحاقهم بالرفيق الأعلى لأجل تعظيمهم من جهة، والاستلهام من منابعهم والتزود من فيوضهم من جهة أخرى.
وهذا مما لا ينكره منصف، ولهذا نرى الأمم الحية يتسابقون في زيارة مدفن رؤسائهم وشخصياتهم، الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل إحياء الشعب واستقلاله من يد المستعمرين والظالمين، ويقيمون الذكريات لإحياء معالمهم. فبطريق أولى يحسن أن نقيم هذه المهرجانات، لأن عظماءنا جادوا