الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ٣٦
شبهة على أصل التوسل أثار بعضهم إشكالا على مبدأ التوسل في الإسلام، شبيها بالإشكال على الشفاعة.. والسبب في ذلك أنهم يرون الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا، وما فيها من محاباة وإعطاء بغير حق ولا جهد من المشفوع لهم أو المتوسط لهم.
وبما أن الله تعالى يستحيل عليه أن يحابى كما يحابي حكام الدنيا، وإنما يعطي جنته وثوابه بالإيمان والعمل الصالح.. فلذلك صعب عليهم قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة إلى الله تعالى!
ولكنه فات هؤلاء أنه في الأصل لا استحقاق لمخلوق على الله تعالى، وأن عطاءه كله تفضل.. وأن المنشأ الحقوقي الوحيد لحق المخلوق على ربه هو وعده سبحانه إياه بالعطاء، فهو حق مكتسب بالوعد لأن الله تعالى رحيم صادق، وليس حقا أصليا للعبد.
وفاتهم أيضا أن الاستشفاع والتوسل إليه تعالى عمل صالح، لأنه تعالى أمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة، والوسيلة هي العمل الصالح والارتباط بأنبيائه وأوصيائه عليهم السلام.
فاتهم أن الحكمة من جعله تعالى الأنبياء والأوصياء الوسيلة إليه تعالى:
أولا: أن يعالج مشكلة التكبر في البشر، لأن البشر لا يمكنهم الانتصار على تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والاختيار الإلهي، وأنهم المبلغون عن الله تعالى. فهذا الاعتراف مطلوب، لأنه مقدمة
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست