الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ٨٦
إعلم أن البناء على قبور الأنبياء والعباد المصطفين تعظيم لشعائر الله، وهو من تقوى القلوب، ومن السنن الحسنة، حيث إنه احترام لصاحب القبر، وباعث على زيارته، وعلى عبادة الله عز وجل - بالصلاة والقراءة والذكر وغيرها - عنده، وملجأ للزائرين والغرباء والمساكين والتالين والمصلين. بل هو إعلاء لشأن الدين. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. وقد بني على مراقد الأنبياء قبل ظهور الإسلام وبعده، فلم ينكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أحد من الصحابة والخلفاء، كالقباب المبنية على قبر دانيال عليه السلام في شوشتر، وهود وصالح ويونس وذي الكفل عليهم السلام، والأنبياء في بيت المقدس وما يليها، كالجبل الذي دفن فيه موسى عليه السلام، وبلد الخليل مدفن سيدنا إبراهيم عليه السلام.
بل الحجر المبني على قبر إسماعيل عليه السلام وأمه رضي الله عنها. بل أول من بنى حجرة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باللبن - بعد أن كانت مقومة بجريد النخل - عمر بن الخطاب، على ما نص عليه السمهودي في كتاب (الوفا) ثم تناوب الخلفاء على تعميرها.
وروى البنائي واعظ أهل الحجاز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين، عن أبيه علي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
والله لتقتلن في أرض العراق وتدفن بها. فقلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟. فقال: يا أبا الحسن، إن الله جعل قبرك وقبر ولديك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده، تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذى، فيعمرون
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست