الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ١٥٢
وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني سهم، فهذا النقل يخالف حديث الأزرقي أن قبورهم بين الركن وزمزم والمقام، فهو يدل على أن قبورهم خارج المسجد.
وفي كل حال فإن تلك القبور مجهولة المكان، وما جهلت وعميت على الناس إلا لسبب ظاهر، حتى لا تعبد من دون الله، إذ الشيطان كان قد عبث بالناس باسم تعظيم الأولياء والتبرك بقبورهم حتى دخل بهم في الشرك، فكان من الحكمة تعمية قبورهم، فإذا كان الناس يعظمون قبور من لم يعرف صلاحه، فكيف بنبي عرف فضله وسبقه ومنزلته؟ ولذا لم يثبت لنا مكان قبر نبي إلا قبر بنينا عليه الصلاة والسلام، وقد كان دعا ربه فقال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فاستجاب الله له فلم يقدر أحد على اتخاذ قبره وثنا يعبد، وقبره لم يكن في المسجد، فقد قبر خارج المسجد في حجرة عائشة الملاصق للمسجد، ثم إن الوليد بن عبد الملك أمر سنة 88 ه‍ بعد انقراض عهد الصحابة في المدينة بهدم حجر أزواج النبي وضمها إلى المسجد من أجل التوسعة، وقد أنكر العلماء ذلك منهم سعيد بن المسيب خشية أن يتخذ القبر مسجدا، لكن الوليد أصر حتى هدمت الحجر وأضيفت حجرة عائشة إلى المسجد من الشرق، فبنوا على القبر حائطا وسنموه وحرفوه لئلا يصل أحد إلى قبره..
وعائشة كانت تصلي في حجرتها من قبل وفاة رسول الله، ثم لما توفي قبر في مكانه كعادة الأنبياء، فهي لم تبن مسجدا على قبر النبي، ثم إن القبر كان ناحية عن الحجرة، لأن القبور كانت في مقدم الحجرة، وكانت هي في مؤخر الحجرة، والمؤكد أنها وهي التي تروي حديث: (لعنة الله على اليهود
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست