والنصوص الدينية قدمت إجابات، بعضها جاء محددا واضحا (محكما) وبعضها جاء من قبيل (المتشابه) حثا للإنسان، لكي يفكر ويتأمل ويحصل على قناعة وجدانية، شريطة أن لا تتعارض مع ما هو (محكم) لا يقبل التأويل.
وأدلى (أهل الكلام) والمهتمون بالعقائد بوجهات نظرهم، فبعضهم استند إلى ظواهر بعض النصوص، وأفاد من الدرس الفلسفي ومن المنطق الشكلي، فذهب إلى القول بالجبر. فالانسان - في نظره - كريشة في مهب الريح، ليس له إرادة ولا قدرة ولا اختيار في الفعل أو الترك ف * (الله خالق كل شئ) *.
وبعضهم حاول تلطيف هذه الفكرة وجعلها أكثر قبولا بابتداع نظرية الكسب. فالانسان يكسب الفعل، والله هو الخالق * (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * مع الاختلاف الشاسع في تفسير عملية الكسب!
وذهب قوم إلى حرية الإرادة والاختيار على نحو يشبه الاستقلالية في الفعل أو الترك * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) *.
وتميزت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بالقول الوسط المعتدل بين هذه الآراء - التي اتجهت إما إلى أقصى اليمين (نظرية الجبر)، أو إلى أقصى اليسار (الاختيار المطلق = التفويض) - واشتهرت كلمتهم ى لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ي في هذه المسألة الشائكة.
وشرح أتباع مدرسة أهل البيت هذا الأثر، وتوسعوا فيه وبرهنوا على صحته، مستفيدين بذلك من النصوص الدينية قرآنا وسنة، ومن تطور الدرس الفلسفي والمعطيات العلمية للحالة الإدراكية والشعورية للإنسان.