غير مرة حتى خوفته من السلطان، فقال: لا أعود بعد اليوم (1).
أما بنو العباس فلم يشذوا عن سياسة بني أمية في تبني القدر على رأي الأشاعرة، غير أن المأمون والمعتصم اختلفا عنهم في هذا الرأي، وتبنوا رأي المعتزلة في الاختيار والتفويض، فلما تولى المتوكل الحكم تبنى رأي الأشاعرة في الجبر، وكان يحاسب ويعاقب عليه، وتبعه الخلفاء من بعده على هذا الرأي.
التفويض:
يسود في التاريخ الإسلامي في مسألة الحتمية والاختيار في سلوك الانسان الفردي رأيان متقابلان:
وهما: الجبر والتفويض.
أما المذهب الأول: فيتبناه الأشاعرة، وأما المذهب الثاني: فيتبناه المعتزلة.
ومذهب المعتزلة في التفويض: أن الله تعالى فوض إلى الانسان اختيار ما يعمل، والانسان مستقل استقلالا كاملا فيما يصنعه.
وهذا المذهب يأتي في مقابل المذهب الأول تماما.
ولئن كان التبرير الفلسفي والعقائدي للمذهب الأول هو الاحتفاظ ب (أصل التوحيد) وإرجاع كل شئ في هذا الكون من الأعيان والأعمال إلى الله تعالى * (والله خلقكم وما تعملون) * (الصافات 37: 96). فإن