تفسير علماء مدرسة أهل البيت ل (الأمر بين الأمرين):
والآن نحاول أن نعرف كيف تخلص علماء مدرسة أهل البيت من هذه المشكلة وجمعوا بين الأخذ بما ورد في القرآن بالصراحة من اتصال سلطان الله ونفوذه على اختيار عباده وأفعالهم، وبين تنزيه الله سبحانه من كل ظلم وسوء، وكلاهما صرح به القرآن، وقد رأينا من قبل أن الأشاعرة أخذوا بالأولى وفرطوا بالثانية، والمعتزلة أخذوا بالثانية وفرطوا بالأولى.
التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء:
فيما سبق تحدثنا عن المذهب القرآني في ارتباط الانسان بالله واستمرار هذا الاتصال والحاجة والفقر إلى الله حدوثا وبقاء. وقد رأينا أن القرآن يزيل في ذلك كل غشاوة ويثبت بما لا مزيد عليه، أن الانسان يبقى فقيرا إلى الله تعالى في كل شؤونه وحاجاته وفي كل مراحله، ولا ينقطع سلطان الله وإرادته وهيمنته وتدبيره عن الانسان واختياره وفعله في لحظة من اللحظات... والآن نشير إلى التنظير الفلسفي لهذه المسألة:
1 - استمرار حاجة المعلول إلى العلة في مرحلتي الحدوث والبقاء:
إن المفوضة يبنون رأيهم في استقلال الانسان عن الله تعالى في الاختيار والفعل على أساس رأي فلسفي في استغناء المعلول عن العلة في مرحلة البقاء، واقتصار الحاجة إلى العلة في مرحلة الحدوث فقط.
وهذا رأي يذهب إليه بعض المتكلمين، ويعتمد هذا الرأي بعض المشاهدات غير العلمية كاستمرار الحركة في الجسم المتحرك بعد انفصال القوة المحركة عنه، وبقاء الحرارة في الجسم الذي امتص الحرارة