كقدرة الله المطلقة وسلطانه العظيم الواسع، وكونه عز وجل الخالق لكل شئ ولا خالق سواه. مستفيدين هذا بزعمهم من بعض الظواهر القرآنية كقوله تعالى * (والله خلقكم وما تعملون) * وقوله تعالى: * (الله خالق كل شئ) * وغيرها.
وعلى هذا الأساس فالجبر يعني نفي أية نسبة بين الانسان وفعله، لأنه يكون مسلوب الاختيار في أفعاله، وإن أي فعل منه لا يعد انعكاسا لرغباته وميوله واتجاهاته وما يمتلكه من شخصية أو ملكات، إذ ليس له أدنى تأثير في صدور الفعل عنه، فهو آلة لا غير.
واعتقد آخرون بنقيض ذلك تماما، ورأوا أن الحق في المسألة هو القول بالاختيار، وذلك لأجل التحفظ على أمور أخرى لا تقل خطورة عن التي تحفظ عليها الجبريون، وهو العدل الإلهي، إذ ليس من العدل أن يؤاخذ العبد على فعل كان مجبورا عليه ولا طاقة له في تركه.
فهم يرون أن الله عز وجل خلق العباد وأوجد فيهم القدرة على الأفعال وفوض إليهم الاختيار فيما يشاؤون أو يدعون من أفعال، وهذا يعني استقلال العبد في إيجاد الفعل على وفق ما أودع فيه من قدرة وإرادة، وإنه ليس لله سبحانه أي أثر في فعل العبد الصادر عنه، إذ لولا استقلاله بالفعل على سبيل الاختيار لبطل التكليف ولكان الثواب والعقاب ظلما. وقد حاول أصحاب هذا الاتجاه الإفادة من ظواهر القرآن أيضا كقوله تعالى:
* (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) * وقوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) *.