ذلك ولو شاء لتيسر عليه، وكلما يتعلقون به من أمثال هذه الآية فالقول فيه ما ذكرناه أو نحوه على ما بيناه، وفرار المجبرة عن إطلاق القول بأن الله يريد أن يعصى ويكفر به ويقتل أولياؤه ويشتم أحباؤه إلى القول بأنه يريد أن يكون ما علم كما علم ويريد أن تكون معاصيه قبائح منهيا عنها، وقوع فيما هربوا منه وتورط فيما كرهوه، وذلك أنه إذا كان ما علم من القبيح كما علم وكان تعالى مريدا لأن يكون ما علم من القبيح كما علم فقد أراد القبيح وأراد أن يكون قبيحا، فما معنى فرارهم من شئ إلى نفسه وهربهم من معنى إلى عينه، فكيف يتم لهم ذلك مع أهل العقول، هل قولهم هذا إلا كقول انسان: أنا لا أسب زيدا لكني أسب أبا عمرو. وأبو عمرو هو زيد، أو كقول اليهود إذ قالوا سخرية بأنفسهم: نحن لا نكفر بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنا نكفر بأحمد، فهذا رعونة وجهل ممن صار إليه وعناء وضعف عمل ممن اعتمد عليه).
2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله:
النقطة الثانية في كلام الشيخ المفيد (رحمه الله) هي نفي استقلال الانسان في فعله، يقول (رحمه الله) في تصوير القول الوسط بين القولين (الجبر والتفويض):
(والواسطة بين هذين القولين: أن الله تعالى أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم، وحد لهم الحدود... فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها، ولم يفوض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها ووضع الحدود لهم فيها) (1).