الفصل الأول الحتمية التاريخية والحتمية الكونية في التاريخ العقلي الفلسفي نلتقي نظريتين تنطلقان من منطلق الحتمية.
إحداهما: تخص السلوك الانساني، الفردي والاجتماعي خصوصا.
والأخرى: تتعلق بالنظام الكوني عموما.
فتتجه النظرية الأولى إلى الإيمان بحتمية السلوك الانساني وتعطيل إرادة الانسان، وسلب أي دور لإرادته في سلوكه.
وتتجه النظرية الثانية إلى تثبيت الحتمية في النظام الكوني بشكل عام، وتذهب إلى أن الكون كله يتحرك ضمن نظام دقيق بموجب قانون العلية.
وهذا النظام يجري ضمن حلقات متسلسلة، كل حلقة منها ترتبط بالحلقة السابقة واللاحقة. ضمن نظام حتمي لا يمكن أن يتغير ولا يمكن أن يتخلف، ولا يمكن إن تتدخل إرادة أحد - مهما كان - في تغييره. ولو افترضنا أننا اطلعنا على رؤوس هذه الحلقات في النظام الكوني العام، وأمكننا قراءة التسلسل النظامي لحلقات هذا النظام، أمكننا التنبؤ بكل ما يجري في الكون من الأحداث إلى أن ينتهي أمد هذا الكون.