فليس من سبيل للإنسان أن يخرج عن دائرة (القضاء والقدر) وحكمه القطعي المتقن والدقيق، وهو لا محالة يعيش ويتحرك ويعمل ويختار في هذه كما ذكرنا. ولكنه يملك مطلق الاختيار دائما أو غالبا في اختيار سبيل من هذه السبل المختلفة التي يجدها أمامه عن معرفة ووعي.
المريض إذا اهتم بمرضه وراجع الطبيب واتخذ العلاج يشفى، وإن أهمل مرضه يتضاعف المرض عنده. والطالب إذا نشط واجتهد ينجح وإذا كسل وأهمل دروسه يفشل. والعامل إذا عمل وتحرك في السوق، يغنيه الله، وإذا تهاون في البحث عن العمل يفتقر. والإنسان إذا عاشر الصالحين يصلح ويأخذ منهم الصلاح. وإذا عاشر الفاسدين يأخذ منهم الفساد.
وكل هذه النتائج من القضاء والقدر الحتم والمتقن الذي لا سبيل للتشكيك فيه. فإن الانسان الذي يجتهد في طلب العلم يكون عالما بالضرورة والحتم، وهذا هو (القضاء) وتكون معرفته في الحقل الذي اجتهد فيه، دون غيره من الحقول، وبمقدار اجتهاده ودراسته، وهذا هو (القدر).
إن اختيار الانسان في المبادئ دائما والأحكام الفعلية التي قلنا إنها من القضاء والقدر هي في النتائج دائما.
وهذه المبادئ تستتبع هذه النتائج دائما بصورة قطعية ومتقنة. ولا سبيل للإنسان للتخلص من هذه النتائج القطعية، وإن كان له مطلق الحرية في اجتناب واحد أو أكثر من هذه السبل في البدء.
ولعل الآية الكريمة من سورة الرعد، لا تكون بعيدة عن هذا المعنى: